
في ظل أجواء جميلة عنوانها الأبرز " حوار وطني شامل لا يقصي أحدا " دعا له فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ الغزواني، استدعت الذاكرة سنوات رائعة كانت مثالا للتلاحم و الوحدة الوطنية الحقة بين كافة مكونات شعبنا في مدينة كيهيدي عاصمة ولاية غورغول وكانت لوحة مجتمعية موريتانية متنوعة و موحية بامتياز ، حيث كان يقيم والدي الشيخ الطالب اخيار رحمه الله تعالى، و كان ذلك في ستينيات القرن الماضي ، و أتذكر كيف كان والدي رحمه الله في فترة السبعينيات يذهب بي إلى منزل يوسف كويتا الذي كان عمدة للمدينة و نائبا في الجمعية الوطنية و رئيسا للجمعية الوطنية و كانت إحدى زوجاته " من فئة الشرفاء في مخيالنا الشعبي و سيجد زائره أسر فنية عريقة تزور المنزل بين الفينة و الأخرى ( أهل شغالي ، أهل عمر إيكيو ...الخ) ; وبين منزله و منزل عبدول توري توجد منازل تعود ملكيتها لأسر بيظانية من مدن أخرى .
وغير بعيد من ذلك يصادفك منزل اوسمان نجاي وهو اول ممرض في تلك المنطقة ، إنها موريتانيا ببيظانها و بولارها و سوننكييها تعيش آمنة متصالحة مع ذاتها و دون أية منغصات .
و بعد ذلك أقام في المنطقة السيد عبد العزيز با ، الرجل الثري ، الذي كان منزله يغص بالضيوف و الزائرين و أصحاب الحاجات من كل المكونات يأكلون و يشربون وتقضي لهم الحوائج بلا من و لا أذى!
ومن الملاحظ في تلك الفترة أن الجميع يعرف لغة الجميع و يتحدثها بتلقائية و التفاهم الحقيقي هو سيد الموقف.
وغير بعيد من ذلك تجد منزل عبد العزيز بوصفيحة ، وهو مغربي و اول من افتتح دارا للسينما في المدينة و استطاب المقام بين الموريتانيين ولم يجد أية مشكلة في ذلك البتة! وغير بعيد منه تجد السيد مولاي لعروصي؛ رحم الله الجميع ؛ و كنا نسمع عند الكبار انه قبل سنوات قليلة من ذلك كان الشيخ المربي الكبير الشيخ أحمد ابي المعالي يزور المدينة من حين لآخر و يتقاطر عليه المريدون من كل المكونات في انسجام و توافق منقطع النظير ؛ و لا تسمع إلا لغة التقدير و الاحترام من الكل للكل.
وكنت اسكن في منزل السيد عثمان سي ممثل الخطوط الجوية الموريتانية
وتجد زوجته الفاضلة / فاطمة بنت أغربط ،رحم الله الجميع، و تجد أسرته معززة مكرمة في قلب حي كاتاكا . وغير بعيد منه منزل يوسف جاكانا قرب مدرسة الجديدة وزوجته مشهورة و معروفة بتلقي الضيوف وإكرامهم و الإحسان إليهم .
تذكرت كل هذا و نحن ننتظر الحوار الوطني الموسع و الشامل و تمنيت أن ترجع عجلة الزمن للوراء ، أو بالأحرى أن نستفيد من إرثنا المشترك في التعايش و التكامل الاجتماعي لنعيد البوصلة من جديد لاتجاهها الصحيح الذي يخدم بناء الوطن وتطوره و ازدهاره ، الذي نؤسسه على تنوعنا المثري مصدر قوتنا و سر نهوضنا ماضيا و حاضرا و مستقبلا إن شاء الله تعالى.
المصطفى الشيخ محمد فاضل