يأبى الواقع العالمي إلا أن تكون بلاد “المليونيات” حزء منه بفعل عوامل موقعها الجغرافي الاستراتيجي من جهة، وتنوع الثروات التي حباها الله بها تحت وفوق سطح أرضها وعلى ضفة نهرها الخصبة وثروتها الحيوانية الكبيرة وواحاتها ومناظرها الخلابة وفي عمق مياه شاطئها الأطلسي من جهة أخرى.
ولكن تأبي طبيعة اهلها الفريدة في العقلية والسلوك إلا أن لا تكون في شذوذ عنه يكاد يكون فريدا على الكوكب الارضي. فبينما توحدت الثقافة في منهج التعامل مع قواسم الحداثة المشتركة من دون المسساس بأساسيات الاختلاف والتميز والخصوصيات الحضارية، بقي أهل المنكب البزخي يغطون عمدا في سبات التخلف الحضاري تحت قوة تأثير الماضي المتسم بغياب السلطة المركزية وقوة القوالب القبلية والطبقية، التي تمخضت عن هذا الغياب، على الرغم من توفر عامل الدين الذي افرز مدرسة “محضرية” فريدة تفنن أصحابها علومه وفنون لسانه وآدابه دون ان تصقل النفوس من ادران “اللا دولة” بأي شكل لتظل روح الفوضى هي من يملى اشتراطات “هدنة البقاء”، من حروب “شر ببه” داحس غبراء المنكب، كلما كان “الفناء” يهدد “الكيان” على نهج “قانون الغاب” الذي يفرض منطق “القوة” ولا يقر منطق “الإبادة”.
المتتبع لمجريات السياسة، منذ دخل منهجهُها مع الاستعمار، لا يمكن ان يخطئ استحكام هذه الإزدواجية” التوافقية” التي لا خروج فيها على ما توفر من استقرار، ولا أخذ فيها بوجه الاستقامة وتوطيد الكيان إلى غاية قيام دولة المواطنة المشتهاة التي تعمل بوقود العلم والعمل ومنطق الحساب والعقاب وتطبيق مبدأ المكافأة والجزاء.
الرباط