بسم الله الرحمن الرحيمْ والصلاة والسلام على النبي الكريمْ
إلى أسرة العلم والفضلْ ودوحة المجد والعز والنُّبْلْ معدِنِ الخيرات والصلاحْ والمصمودين لتحقق النجاحْ خائضي بحورِ العلم ومخرجي دُرَرِها ومعلمي البرايا عامِرِهَا وعُمَرِهَا ومُزيحي الجهلِ عن أريافِهَا وحضَرِهَا
أسرة الفقيد محمد سالم ولد التاه ولد محمد سالم ولدالمختار ولد ألما رحمات الله تعلى على سلفنا وسلفهمْ وبركاته على خلفنا وخلفهمْ
سمعنا بهذا الخبر المفاجئ الفاجعْ الذي أصمّ من المحبين المسامعْ وأقضّ عليهم المضاجعْ
ألا وهو القتل غِيلَةً لأخينا وحبيبنا الأستاذ الأديبْ اللوذعي الأريبْ النّدُسِ الحبيبْ محمد سالم ولد التاه ولد ألمّا، كان الله لنا وله ولكل ذالك المسمَّى ،
فأصابنا ما الله به عليمْ من لوعة الحميمِ للحميمْ
فلما تذكرنا قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الصبر عند الصدمة الأولى ) وهو حديث متفق عليه
راجعنا أنفسنا لئلا نحرم أجر الصبر ولأننا نعلم أن ما عند الله خير وأبقى وأن الخير في اختياره لنا،
فأعزي نفسي وأعزيكم في هذا الخلِّ الذي كان عندي بمكانْ لا يصله إلا نوادرُ الخلانْ،
وأذكر نفسي وأذكركم بقول الله عز وجل (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
نرجو من الله عز وجل أن لا يحرمنا وإياكم من الصلوات والرحمة والاهتداء فوعدُ ربنا عز وجلْ وعدٌ مُنجَزٌ عليه يُعَوَّلْ وأذكر نفسي وأذكركم ببعض الأحاديث الصحيحة الصريحة الواردة في الصبر وفي عظم أجر البلاء
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يُصِب منه )
<أي يبتليه بمصاب أو مرض أو شبه ذالك>
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مامن مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكةِ يُشاكها )
وفي الصحيحين أيضا من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من يتصبر يصبرهُ الله فما أعطي أحد عطاء خيرا من الصبر )
وفي صحيح مسلم عن أبي يحيى صهيب ابن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عجبا للمؤمن إن أمره كله خير وليس ذالك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له )
وفي جامع الترمذي وحسنه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إن عِظَمِ الجزاء مع عِظَمِ البلاءِ وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط )
رزقنا الله وإياكم أجرَ صبرِ هذا المصاب وصبرِ غيرهْ وعافانا وإياكم من سخطه وضيرهْ
ومعلوم أن حدَّ الغِيلَةِ عندنا معشرَ المالكية كحَدِّ الحِرابةِ يقتل صاحبه حداً لأنه حق لله تعلى وضرره عام على المجتمع ولا قصاص ولا عفو فيه ومن شروط الغِيلَةِ عند الكثير من العلماء أن يكون القتل على مال من غير سابق عداوة وهذا ماوقع لأخينا وابننا رحمه الله عز وجل
هذا الخل عرفته منذ مايزيد على عَقدٍ من الزمن
وماعلمت فيه إلا خيرا ولقد كان خلا وقورا ودودا عارفا بالناس بصيرا بما يفعل في المجالس، له علم وفضل
وله اليد الطولى فيما يستجلب الخلان من خلق وأدب رفيع وكف أذى أحسبه إن شاء الله تعلى من أهل الخير ولاأزكي على الله أحدا
فأعزي في هذا الفقيد أسرته الخاصة وإخوته العلماء الكرام وعميه العالمين الجليلين وجميع الأسرة المباركة المَحُوطةِ من الله تعلى بسور الحفظ والعنايهْ والرحمة والبركة والرعايهْ.
دام بيتكم مرفوعَ العمادْ يأوي إليه العاكف والبادْ ودمتم على سير آبائكم الراشدين الذين علَّ من معينهم الجميع. والعَلُّ لا يكون إلا بعد النَّهَلِ ..
وأخبر أسرة الفقيد الخاصة أني عونٌ لهم وسندٌ مادمت حيا إن شاء الله تعلى
وقد أمرت التلاميذ بكثرة الدعاء له وإرسال ثواب القرءان والصدقة وسأواصل أنا ذالك ففهمي حسب مارزقت من الفهم أن ثواب القرءان يصل كوصول الدعاء والصدقة ولكل أحد فهمُهُ.
أحسن الله عزاءنا وعزاءكم وآجرنا في مصابنا ومصابكم ورحم ميتنا وميتكم ووسع له في قبره وأسكنه أعلى فراديس الجنان مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصلحين وحسن أولئك رفيقا.
وبارك في الأسرة الكريمة كلِّها وأدام عليها أغلى النِّعَمِ وأتَمِّها
اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيرا منها
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم الشيخ سيد محمد (الفخامة ) بن عبدالرحمن (الحكومة) بن محمد بن الشيخ سيد المختار (اپاه) بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي رحم الله السلف وبارك في الخلف
بتاريخ الأحد 25/شوال/1442 هجريا
الموافق 6/يونيو/2021 ميلاديا